المدير Admin
المساهمات : 188 تاريخ التسجيل : 15/01/2009 العمر : 32
| موضوع: |█| == فضائيات السجال والتناحر==والنتيجة شقاق|█| الأحد 18 يناير 2009 - 10:13 | |
|
فضائيات السجال والتناحر</SPAN>
</SPAN> ١٣/ ١/ ٢٠٠٩ |
(١) من الأمور التى لفتت نظرى أثناء متابعتى الانتخابات الأمريكية عبر عدة قنوات إخبارية أمريكية (بالرغم من كل الملاحظات التى يمكن أن تقال على الإعلام الأمريكى) التمييز الدقيق بين الرؤية السياسية الحاكمة للمحطة وبين المهنية الإعلامية.. ولاحظت كيف أن إحدى القنوات المعروفة بأنها تنتمى للتيار المحافظ بأجنحته:الجمهورية والجديدة والدينية،ولها موقف من الديمقراطيين بشكل عام وأوباما بشكل خاص،لم تتورط فى أى سجال يطال شخص المرشح الديمقراطى مثلا أو التجريح فى رموز الحزب الديمقراطى.. وإنما انصب الجهد الإعلامى على تفنيد الرؤية الديمقراطية وإبراز أفضلية الرؤية الجمهورية.. والمفارقة أن هذه المحطة كانت أول من أعلن فوز أوباما برئاسة أمريكا، بعد متابعة أمينة ودقيقة وتفصيلية للانتصار فى كل الولايات الأمريكية، ونقلت عددا من المحطات الأخرى عنها هذا الخبر. المسافة إذن واضحة بين الرؤية السياسية والترويج لها وتعبئة الناس وفق هذه الرؤية، وبين المهنية الإعلامية من حيث حق المواطن/ المشاهد فى المعرفة لكل الوقائع حتى لو كانت ضد رغباتنا أو أهدافنا.. نعم هناك رؤية حاكمة للمحطة ولكن هذه الرؤية لا يمكن أن تحجب معلومة أو حدث مهما كان متعارضا مع هذه الرؤية. تذكرت هذا الأمر وأنا أتابع المأساة المتكررة / المتجددة لشعبنا الفلسطينى.. فى كيف أن محطاتنا الفضائية العربية على اختلافها: الرسمية الناطقة باسم دول أو جماعات، والإخبارية المستقلة، لا تعطى للمهنية التى تقوم على المعرفة والبحث عن الأسباب نفس المساحة التى تعطى للسجال والشد والجذب الذى ينعكس سلبا على الناس وعلى القضية القومية التى من المفترض أن يتوحد من حولها الجميع. (٢) إن المشاهد لمحطاتنا العربية وللكيفية التى تتابع بها أحداث غزة.. يمكنه أن يلحظ كيف أنه لا يمكن لأى متابع أن يعتمد على محطة واحدة بعينها فهناك دائما إحساس بأن المحطة تخفى شيئا.. وسرعان ما يعرف المشاهد ما هو مخفى عنه إذا ما شاهد محطة أخرى تتناقض مع الأولى فى السياسة، ويدرك أن المحطة الأولى أخفت ما يتعارض مع رؤيتها السياسية. يلاحظ أيضا كيف أن بعض المحطات فى الأيام الأولى لغزو غزة قامت باستضافة بعض المختلفين فى الرؤية حول ما حدث، الأمر الذى تحول إلى سجال بين الضيوف لأن الحوار مخطط على أسئلة تلقى بمنهج نعم ولا بحيث تتوافق الإجابات مع الرؤية السياسية للمحطة.. ويصبح المختلف مدانا بدرجة أو أخرى.. ويميل اللقاء إلى تأكيد وجهة النظر الخاصة بالمحطة.. ولا تتم الاستفادة من وجود المختلفين لمزيد من الفهم حول القضية المطروحة بأبعادها المتداخلة والمتشابكة.. وبتنا نشاهد محطات يقطع فيها المحاور الطريق على من قد يبدى رأيا مغايرا لرأى المحطة.. بالإضافة إلى تبنى لغة غير لائقة. ومع الوقت تجنبت المحطات دعوة من يختلف معها فى رؤاها وكونت كل محطة نخبتها.. وهكذا عكست المحطات الفضائية الواقع العربى الراهن الذى يمر بحالة من الاستقطاب الحاد.. والسؤال: أى رسالة إعلامية مطلوب إرسالها للناس؟ (٣) خلاصة القول.. بدلا من أن تسهم الفضائيات العربية فى أن يتوحد مواطنو المنطقة حول القضية الفلسطينية، والتى أتصورها أكبر من التعاطى معها من منظور سياسى ضيق.. نجدها وقد دفعت فى اتجاه أن تتلون القضية بألوان متعددة من أبرزها اللون الدينى.. وتم توظيف ثقافة الصورة بتقنياتها المتقدمة للدفاع عن الرؤية السياسية الخاصة بكل محطة.. لا أحد يجيب عن الأسئلة الحقيقية التى أودت بنا إلى هذا الوضع.. الكل يجتهد فى التأكيد على أن رؤيته هى الصحيحة فى مواجهة رؤى الآخرين.. وهكذا تتناحر الفضائيات ويتفكك الناس فى الواقع.. ويموت الأبرياء.. وبعد يقول محمود درويش: أتيت.. أتيت غزة لا تصلى أرى صفاً من الشهداء يندفعون نحوى، ثم يختبئون فى صدرى ويحترقون ما فتك الزمان بهم، فليس لجثتى حد. ولكنى أحس كأن كل معارك العرب انتهت فى جثتى، وأود لو تتمزق الأيام فى لحمى ويهجرنى الزمان، فيهدأ الشهداء فى صدرى ويتفقون. |
| |
|